الاقتصاد السويدي
السياسات طويلة الأمد وتبني نهج عالمي هما مفتاح نمو الاقتصاد السويدي. فلنطّلع على المزيد.
اتسم اقتصاد السويد بالاستقرار النسبي على امتداد العقود القليلة الماضية، وشهد نمواً ثابتاً منذ سبعينات القرن الماضي. غير أن المشهد الاقتصادي لم يخلو من بعض التحديات من وقت إلى آخر.
في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات مثلاً، عانى الاقتصاد في السويد من نمو بطيء وتضخمٍ عالٍ، وانخفضت مراراً قيمة العملة السويدية. وخلال الأزمة الاقتصادية الحادة في بداية التسعينات، تراجع استقرار البنوك السويدية وجرى تأميم بنكين. وارتفعت معدلات البطالة بحدة، وازداد الإنفاق الحكومي بشدة وارتفع معه الدين القومي.
لم تكن إعادة الاستقرار مسألة سهلة، ولكن السويد تمكنت من تحويل مسار اقتصادها من خلال إجراء إصلاحات والالتزام بها. ومهدت الدولة الطريق نحو نمو الاقتصاد بقوة لمواجهة حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.
الناتج المحلي الإجمالي في السويد
5452 مليار كرونة سويدية، في عام 2021.
الناتج المحلي الإجمالي يمثّل القيمة السوقية لجميع السلع والخدمات التي ينتجها بلد ما خلال سنة واحدة.
ميزانية متوازنة
وفقاً لصندوق النقد الدولي، انخفضت عموماً نسبة الدين القومي إلى الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 1995. وخلال هذه الفترة، حافظت السويد على هذه النسبة بمعدل أقل من معدل منطقة اليورو. وقد أعطت مؤسسات التأمين الائتماني الرائدة أعلى تقييم ائتماني للسويد، وهو نادر الحدوث، حتى في صفوف الدول ذات الاقتصادات المتقدمة.
ومنذ أزمة التسعينات والحكومات السويدية المتتابعة مواظبة على ضبط الإنفاق العام. واستمرت بذلك حتى في أعقاب الأزمة المالية العالمية التي حصلت عام 2008.
تمكنت السويد من ضبط إنفاقها من خلال إعادة صياغة إدارتها الاقتصادية وذلك بإعداد سلسلة من اللوائح الجديدة. أول هذه اللوائح صدرت عام 1996 وحددت سقفاً للإنفاق العام، ورافقها تضمين ميزانية الدولة “هدف تحقيق فائض”. وهذه التدابير إلى الآن لم تتغير إلا قليلاً جداً.
حلول طويلة الأمد
ساعدت الإصلاحات التي سبق ذكرها على تجنب تراكم الدين، وضمنت السيطرة على مستويات الدين القومي. وفي عام 2019، استحدثت أداة لتثبيت مستوى الدين. بهدف أن تساهم في ضمان ألّا تتعدى نسبة الديون طويلة المدى 35% من الناتج المحلي الإجمالي.
كما وأنشئ عام 2007 المجلس السويدي للسياسات المالية، وهو لجنة من الخبراء يتولون تدقيق قرارات الحكومة المتعلقة بالسياسات المالية العامة. يهدف التأكد من اتساقها مع الأهداف المحددة للنمو والعمالة والاستدامة المالية طويلة المدى.
اقتصاد ديناميكي / حيوي
تتميز السويد في وقتنا الحاضر باقتصاد متنوع ذات تنافسية عالية. وفي التصنيف العالمي للتنافسية لعام 2022 من إعداد المعهد الدولي للتطوير الإداري، حلّت السويد في المرتبة الرابعة، بعد الدنمارك وسويسرا وسنغافورة.
ونتائج هذا التصنيف تأثرت بتبعات جائحة كوفيد-19. وتبين أن الدول التي تتمتع بهامش أمان اقتصادي كانت أفضل حالاً من غيرها بغض النظر عن معدلات انتشار العدوى.
وفي آخر تصنيف للتنافسية العالمية أعدّه المنتدى الاقتصادي العالمي قبل الجائحة في عام 2019، حلّت السويد ضمن الدول العشر الأوائل. حيث أشار تقرير للمنتدى إلى أن: “السويد والدنمارك وفنلندا ليست من بين الدول ذات الاقتصادات الأكثر تطوراً تكنولوجياً والأكثر ابتكاراً وديناميكية فحسب، بل هي توفّر ظروف معيشة أفضل وحماية اجتماعية أفضل لسكانها، وهي أفضل ترابطاً وأكثر استدامة من أقرانها ذات مستويات التنافسية المماثلة“.
ووفقاً للبنك الدولي، تتمثل إحدى ميزات الاقتصاد السويدي الأساسية بانفتاحه واعتماده نهجاً ليبرالياً على صعيد التجارة والأعمال. ولطالما كانت السويد دولة مصدّرة ولديها بشكل عام فائض تجاري. أي أن قيمة ما تصدره من سلع وخدمات تفوق قيمة ما تستورده.
اقتصاد تزدهر به الشركات الناشئة والشركات أحادية القرن
بالإضافة إلى الحفاظ على التنافسية في مجال السلع والتصنيع، يتميز اقتصاد السويد بنمو قوي في قطاعات الخدمات. مثل قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات. وانطلقت في السويد العديد من الشركات الناشئة التي تتعدى قيمتها مليار دولار أمريكي. وهي التي يتعارف على تسميتها بالشركات أحادية القرن، وتشمل هذه شركات ألعاب الفيديو مثل كنج وموجانغ، وشركة كلارنا للتكنولوجيا المالية، وشركة سبوتيفاي لخدمات بث الموسيقى.